رؤية نقدية في كتاب «الوسواسي»

شبكة أم الحمام بقلم الأستاذ/ علي الأصيل*

«معلومات الكتاب»

• اسم الكتاب: الوسواسي
• المؤلف: جعفر آل أمان
• الناشر: دار أطياف للنشر والتوزيع
• تاريخ الإصدار: 1439هـ/2018م
• عدد الصفحات: 440 صفحة

بعيداً عن عبارات المجاملات، رأيت في «الوسواسي» سرداً رائعاً لحكاية واقعيّة صاغ فصولها كاتب متعدّد المواهب، يحمل قلماً رشيقاً أنيقاً، سال مداده بالسّهل الممتنع، واصفاً حال بطل الحكاية، وصفاً ينقل القارئ إلى مسرح الحدث، ببدنه وروحه، راسماً البسمة على شفتي القارئ للمواقف التي تبعث على الضحك المبكي، تارة، ومستدرًّا دمعه تارة أخرى، لما انتاب بطل الحكاية من مآسٍ وأتراح.

ذكاء الكاتب في استيعاب كلّ الأحداث التي عاشها بطل الحكاية، والتفاعل معها بعاطفة صادقة جمعت بين شعوره بالأسى لمرض صديقه، ورغبته الجادّة في البحث عن علاج سريع فعّال يتخلّص به من براثن الشيطان وجنوده، كان ذلك - إضافة إلى موهبة الكتابة لديه - ردئاً في إنتاج حكاية لن يجد القارئ بُدًّا إلا أن يأتي على مطالعة جميع صفحاتها، في أقلّ زمنٍ ممكن.

فالتسلسل المنطقي في عرض الحكاية، انطلاقاً من التعريف الكامل ببطل الحكاية، لا يحتاج إلى مزيد بيان. ثم الشروع في سرد أول فصول المأساة، ويا له من سرد جميل حمل في طيّاته رسائل تحذيرية للقارئ، منبّهاً إيّاه ألا يكون الفريسة التالية بين فكّي الوسواس الخنّاس. ثم نقرأ عرضاً للبطل ومحاولاته المستميتة في تحطيم القيود التي أصبح بها رهن وساوس الشيطان وإملاءاته.

ما يُسهّل علاج المرض، إدراك صاحبه وتشخيصه لمرضه، وإنْ طال زمن العلاج، وهذا ما حدث لبطل الحكاية، فما إنْ تيقّن بما حلّ به من بلاء، بعد مشاهدة الكثير من الأعراض، حتى بدأ بعزم ونشاط باحثاً عن حقيقة مرضه في مصادر العلم والمعرفة المتعدّدة، مقتبساً التعريفات المختلفة للمرض ومظاهره وسبُل علاجه، ويَدْهَشُ القارئ لِجَلَدِ البطل في البحث الجادّ، إذْ لم يترك قناة من قنوات المعرفة في عصر بات يُنعت بعصر العلم والتقنية، إلا وطرقه، موثّقاً تلكم الاقتباسات، وملخّصاً بعضها في عبارات موجزة تغني القارئ عن مراجعة المصدر.

وكم كان هذا الوسواسيُّ رائعاً أيّام رحلة البحث عن العلاج، فمع البلاء الذي كان يئنّ تحت وطأته، إلا أنه كان نبيهاً يوم حشد معلومات تخصّ المرض، قد لا تخطر على بال كاتب حين ينوي تأليف كتاب أو حتى مقال. مثالاً لا حصراً، مدوّنات الإنترنت، الرسائل العملية للفقهاء، رسائل وسائل التواصل الاجتماعي، المحاضرات المسموعة والمرئية، القصص والحكايات المتداولة في الديوانيات والمجالس، مشاهد الفيديو والأفلام المرفوعة على الشبكة العنكبوتية. أمّا الآيات القرآنية والروايات والأحاديث والمواعظ والإرشادات، فلها حضورها الذي أضفى على متن الكتاب جمالاً وشمولية.

وبَعْدُ، «الوسواسي» موسوعة حوت في موادّها أشتات معرفيّة متنوّعة، جدير بنا مطالعتها، ففيها العلاج الناجع لكل مُبتلى بالوسواس، وفيها ما يُضيف وينمّي من ثقافة القارئ حول هذا المرض الذي لا يسلم منه الكثير من الناس، وإنْ بدرجاتٍ متباينة.

ختاماً، نتقدّم بخالص عبائر الشكر والعرفان، للكاتب الأستاذ جعفر آل أمان، على ما قام به من جهد مشكور في جمع شتات هذه الأحداث وتنسيقها وتقديمها للقارئ؛ ليكون فيها عبرة وعظة للمتعافي، وعلاجاً للمريض، من أمثال بطل الحكاية الذي سطّر بالتزامه وعزيمته وإرادته القوية، ملحمة ضدّ الشيطان وحبائله، فخرج منتصراً يرفل في ثوب الصحة والعافية.

 

*مدقق لغوي ومهتم بالشأن الثقافي.