التمسك بالصبر عند لحظة التعرض للمشاكل العويصة

عن النبي محمد :“الصبر خير مركب، ما رزق الله عبدًا خيرًا له ولا أوسع من الصبر”. «1»  مسكن الفؤاد: 48,47,50.

وعن الإمام علي :“الصبر شجاعة”. «2» نهج البلاغة: الحكمة 4، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 18 / 90.

يتعرض الفرد في هذه حياة لمختلف المشاكل سواء كانت نفسية أو سلوكية أو أسرية أو مادية وغيرها من أمور أخرى تعمل على تعكير صفو الحياة لديه إلى أن تجعل ذلك الفرد يتعرض للفقر المالي والمعاناة النفسية المؤلمة التي تخلق التعب والشقاء، ولكن في جانب آخر هناك من يتحمل تلك المشاكل ولا يصاب بالخوف الشديد؛ حتى ولو تعرض لعائق كبير يؤدي به لفقدان التوازن العقلي والنفسي في الشخصية الخاصة به.

والخوف بصورة عامة يأتي لأي إنسان سواء كان فقيرًا أو غنيًا، فهناك أشخاص عاطلون عن العمل وفقراء في الناحية المالية وبهذا يصابون باليأس والخوف الناتج عن عدم القدرة على تحمل الحالة المادية الضعيفة والضغوطات التي يواجهونها بين يوم وآخر تؤدي بهم للإصابة بالكآبة والضجر والمرض، إلى أن يتوجهوا للتفكير بالانتحار.

وهناك في زاوية أخرى أشخاص أغنياء ومرفهون بشكل كبير ويصابون باضطراب واكتئاب يبدأ بالأفكار الانتحارية، ويفكرون شيئًا فشيئًا بكثرة إلى أن يصلوا لأذية أنفسهم بشكل متعمد لحد“الموت”؛ بسبب الخوف من مواجهة المرض. ومن هنا نرى أن هذه الصعوبات والأمراض تصيب جميع الطبقات في المجتمع سواء كانت ضعيفة أو مرفهة.

وأي شخص في هذه الحياة هو من يحدد مصيره على حسب اجتهاده الشخصي، والاستشارات المفيدة وتحمله على مواجهة أي المرض وطلب العلاج بأية وسيلة يتطلب عمل وجهد كبير من قبل الشخصيات التي تخاف من دهاليز الحياة المظلمة والجوانب السوداوية التي فيها؛ فكل طرف له قدرة على التغلب على أية مشكلة أو خلل نفسي، وذلك من خلال الاستعانة برب العالمين في كل عقبة يمر بها، إضافة إلى التداوي بقراءة القرآن الكريم.

والتمسك بالصبر يمد الإنسان بالقوة في شخصيته ويجعله يرى أن كل موقف حصل له في هذه الحياة عبارة عن سلسلة من الاختبارات أو الابتلاءات الإلهية؛ فالله يبتلي فرد معين بمشكلة عويصة تخلق له ارتباكات ومخاوف زائدة حتى يرى إذا كان يتحمل تلك المصيبة أو يقوم بالتوجه نحو إظهار حالة الاستسلام المتسرعة عند لحظة المرض، وبالتالي هناك من يجتهد في العمل على معرفة كيفية تخطي هذه الامتحانات، وذلك كي يستفيد من الدروس والعبر والقصص التاريخية الرهيبة التي مرت عليه.

ولا ننسى استشارة من لديهم خبرات اجتماعية وعملية كثيرة في الحياة كالنماذج الناجحة بالتاريخ أو الإخوة الكبار أو الوالدين في المنزل اللذان لهما هدف في زرع الثقة في النفس وتقوية الإرادة التي تخلق النجاح لدى شخصية الأولاد أو الشباب عندما يقومان بتشجيعهم على مواجهة الصعاب، وذلك من خلال توجيههم نحو العمل على الاجتهاد على أنفسهم وتعليمهم على كيفية تنمية قدراتهم النفسية والعقلية؛ حتى يصبحوا مبدعين وموهوبين في التعامل مع مختلف المشاكل بشكل عام.

ومن هنا نتعلم أن على فئة من البشر أن لا ينهزموا بسرعة أمام أي عقبة صعبة يتعرضوا لها في التاريخ البشري؛ فهناك شخصيات في التاريخ واجهت ضغوطات نفسية وحروب عسكرية واجتماعية، ومع ذلك تحملت كل هذا التعب الذي كان يحاول جعلها تنهزم أمام الهزات والكوارث المعنوية التي تريد تحطيمها، من أجل أن لا تحقق أهدافها الكبيرة المبنية على تحطيم تلك الحواجز النفسية المتعبة.