لماذا يكرهون القراءة؟

يبدو أن أهم أسباب كراهية القراءة لمن يتوفر لديه الوقت والقدرة عليها عمليًّا وماديًّا هو عدم الاستمتاع بها؛ فعندما يبدأ شخص ما بالقراءة ولا يجد ما يجذبه إليها ويدفعه إلى الاستمرار فيها، فإن هناك حاليًّا عشرات بل مئات الخيارات الأخرى التي تدخل المتعة والبهجة في النفوس، ليس أقلها برامج التلفزيون والأجهزة المحمولة وتطبيقاتها المتنوعة وألعابها. كل هذه الأمور لا تتطلب من المرء أكثر من أن يسترخي على أريكة مريحة، ويحملق في الشاشات، ويطلق لخياله العنان.

وهنا أود التأكيد أن على بعض الكتّاب مسؤولية في عزوف القراء عن القراءة، بسبب ميلهم إلى الأسلوب الصعب والمطول في الكتابة. لا أعترض هنا على الكتب العلمية أو على أمهات الكتب والكتب الفكرية الجادة لأنها مطلوبة بالضرورة، لكننا بحاجة إلى جيل جديد من الكتب التي تناسب الجيل الجديد من الشباب الذي ينحو منحى السرعة والاختصار ولا يحب الكتابات المطولة.

وكما أن لدينا في علم النفس ما يسمى الانطباع الأول، وهي الثواني الأولى للقاء أي شخص، التي يقول علماء النفس إنها تقرر العلاقة به، هناك أيضًا التجربة الأولى في القراءة أو التجارب الأولى لها، ذلك أنه إذا مر شخص ما خلال تجربته الأولى في القراءة «غير المدرسية» بكتاب سيئ فإن تأثيره قد ينعكس على القارئ طوال حياته. والكتاب السيئ ليس بالضرورة أن يكون سيئًا مطلقًا، لكنه قد لا يتناسب مع ذوق المتلقي، أو أنه يتضمن عبارات أو جملًا صعبة الفهم. كما أن ارتباط الكتب بالدراسة وما يعنيه ذلك للبعض من معاناة واختبارات ومذاكرة ثم نجاح أو رسوب، وما يستتبع ذلك من علاقة سيئة بعالم الكتب، كل ذلك يترك أثره بل آثاره في الناس وفي علاقتهم بالقراءة.

ولذلك ومن أجل تحسين علاقة الناس بالكتب فإننا بحاجة إلى جهود مضاعفة ومكثفة وناعمة في نفس الوقت حتى تتغير النظرة السلبية تجاهها. وهنا نؤكد بأنه يجب علينا ألا نتشبث بالوسائل القديمة في القراءة وحدها؛ كقراءة الكتب الورقية مثلًا، فالقراءة باستخدام الأجهزة الحديثة لا يقلل من شأنها بل قد يزيد من انتشارها وتوسع رقعتها.

وأخيرًا فإنه من الأسباب الدافعة لكراهية القراءة هو أن يجري الحديث في المجتمع عن نماذج ناجحة وثرية ليس لها من القراءة أي نصيب، في مقابل نماذج لمن أفنى عمره في القراءة والكتابة دون نصيب من النجاح، فإن ذلك يعطي رسالة خاطئة للجيل الصاعد بالاتجاه الذي عليه أن يسلكه حتى يحصل على النجاح المطلوب.

· إذا كنْتَ لا تحبّ القِراءة فأنتَ لَم تجِد الكتَاب المُناسب بعْد. ج ك رولينغ