طال انتظاري ..!

 

 

طآل إنتظآري ....

هكذا بدأ سامي رسالته إلى ياسمين ..

تلك الفتاة ذات الشعر الكستنائي الطويل والعينان الواسعتان ..

الفتاة التي عاشت مترفة ،، فهي من أسرة غنية

في المقابل كان سامي من أسرة ضعيفة الحال أبوه موظف حكومي وله خمسٌ

من الأولاد وأربعُ بنات ..

 

أكمل سامي دراسته الجامعية بكل سهولة ،، فقد كان حاد الذكاء

ذو شخصية قوية ..

بعد تخرجه عمل في مكتب المهندس منصور الذي لم يُقدر جهوده

في العمل ( والد الفتاة ) التي شغلت قلبه من أول نظرة رآها فيها ..

 

في إحدى الأيام أرسله المهندس منصور لجلب بعض الملفات من بيته الذي لطالما

حلم أن يسكن في واحد مثله وهناك تحرك فؤاده الذي طالما كان هادئ ،،

ولكن ليس بعد ما فتح الباب ورأى ياسمين

 انطوت الأيام وصورة ياسمين لا تفارقه حتى قرر أن يتقدم لخطبتها من أبيها مع تردده الشديد من الرفض فهو يحبذ العيش في هذا الحلم الجميل على تحطيم قلبه لو رُفِض ..!

وفي اليوم الذي قرر مواجهة المهندس منصور بحبه لياسمين حدث ما ليس في الحسبان فقد فُوجئ ببطاقة دعوة من يد المهندس منصور لحضور خطوبة ياسمين من ابن خالتها طلال ذلك الشخص السمين الذي لا يهمه في الحياة سوى الأكل والشرب والماركات العالمية من الثياب والسيارات ..

حين تناول سامي الدعوة وقرأ ما فيها بكى قلبه قبل عينيه وقرر أن يكتب رسالة إلى ياسمين يعبر لها عن حبه !

فبدأ يكتب الرسالة ......

طال انتظاري

والقلبُ هائمٌ في هواكِ

ترينَ الوردَ يَعشقكِ

وعِشقي أكبرُ عِندَ لُقياكِ

 

لكن سامي لم يُكمل الرسالة ...!!

فهذه ياسمين تقف أمامه وهي تُخفي حبها خلف قلبها قائلةً سامي أبي موجودٌ في المكتب ..

قام سامي من المكتب وقدماه لا تكاد تحملانه وعيناه لا يريد أن يغلقهما حتى لا تختفي عن ناظريه ويُثبت لقلبه أنه ليس في حُلم ..

ولأول مرة ترى ياسمين عينا سامي وما فيهما من حب وتقرأ فيها ما أراد أن يكتب في رسالته ..!!

ومرت دقائق ،، وعينا كل واحدٍ تحكي ما بداخلها للآخر ، فعينا سامي تقول : ياسمين ياسمين

ألم يحن الوقت لتعلمي ما بداخلي من حُبٍ وشوق وعذاب الفراق فلقد طال انتظاري ..؟!

وعينا ياسمين تقول : كل هذا الحب يا سامي لما لم تقل لقد فات الأوان ..!؟؟

ولولا فتح باب المكتب من المهندس منصور لظلا ساعات بل أيام بل العمر كله فلقد أحس كل منهما بدفء وحنان وحب الآخر !!

المهندس منصور تفاجأ من ياسمين وجودها في المكتب فهي لم تفعلها مسبقاً

فبادرها بقوله : ماذا تفعلين هنا ؟ ولما أتيتِ ..؟؟

أجابت ياسمين : لاشيء ! كنت قريبة من المكتب وأردت اصطحابك إلى الغذاء ..

ولكن !! هذه ليست الحقيقة !!؟

لأنها أتت لترى سامي ..!

نعم لترى سامي !!

فأخت سامي نهلة زميلة ياسمين في الدراسة والتي لم تعلم أن سامي يعمل لدى والد ياسمين تخبر زميلاتها بعفوية عن حب أخيها من ابنة صاحب العمل الذي هو فيه وكيف أنها ستتزوج بعد انتظار وطول أمل في أن تكون زوجة له ..

انتبهت ياسمين لما قالته نهلة وأخذت مخيلتها ترسم صورة سامي الذي لم تره إلا مرة واحدة وتتذكر إطراءات أبيها عنه وتقارن بينه وبين خطيبها الذي لا يملك نصف ما يملكه سامي من مميزات حسنة ولذا ركبت ياسمين سيارتها وتوجهت إلى أبيها في مكتبه لعلها تحظى بنظرة من سامي ..!

وما إن التقت عيناها بعينا سامي حتى دخل المهندس منصور ..

بعد أيام ،، تمت الخطوبة وما هي إلا أشهر قليلة حتى تزوجت ياسمين من طلال وبعد سنتين رُزقت بطفلة أسمتها ريحانة ..

تعذب سامي كثيراً بعد زواج ياسمين ولكي ينساها تزوج من إحدى قريباته ورُزق منها ولد أسماه سلطان ..

مضت السنوات ،، وما زالت ياسمين في قلب سامي مع ما وصل إليه من تكوين ثروة ومكانة اجتماعية مرموقة وحصول سلطان على الشهادة الجامعية في الطب ..

بينما توفي زوج ياسمين في حادث سيارة وكبرت ريحانه وأكملت دراستها وعُيّنت مديرة العلاقات العامة في إحدى المستشفيات الخاص والذي يعمل فيه الدكتور سلطان ..

سامي جالس على الأريكة بيده جريدة قديمة جداً يحتفظ بها من سنوات طويلة يخرجها بين فترة وأخرى ويقرأ جزء واحد فيها فقط بجانبه صورة ..!

نعم إنها صورة ياسمين !! الصورة الوحيدة التي يملكها لمن ملكت قلبه و روحه والخبر هو زواجها ..!!

يدخل سلطان على أبيه وهو في ذلك الوضع الذي طالما رآه عليه مرات عدة خلال تلك السنوات ولكن لم يسأله عن تلك الجريدة القديمة وسبب الاحتفاظ بها هذه المدة ..!؟؟

ولكن هذه المرة فضوله كان أقوى فتجرأ وسأله !

لماذا الاحتفاظ بهذه الجريدة ؟

سامي يتنفس الصعداء ويعيد ذاكرته إلى الوراء ليبوح ما بداخله من أسرار وما يتمناه من رؤية صاحبة الصورة ولو لمرة واحدة فقط وفقط ولا شيء غير ذلك !!

بعد أشهر تصاب ياسمين بسكتة قلبية شديدة نُقلت على أثرها الى المستشفى الذي يعمل به الدكتور سلطان والذي تعرف عليها منذ اللحظة الأولى عند رأيتها ..

بعد صراع نفسي في داخله أخبر الدكتور سلطان والده سامي عن تلك الإنسانة التي لطالما أنتظرها ،، ولكن ! ياسمين تتدهور صحتها يوماً بعد يوم !!

قرر سامي الذهاب إلى محل الورود ليختار وردة حمراء واحدة فقط ..!

توجه سامي إلى المستشفى ثم إلى الغرفة ليجد السرير بدون ياسمين .........!!!

أين ياسمين ..!؟؟!

لقد ماتت !!!

يضع سامي وردته الحمراء وتسقط من عينيه دموع الفراق على ذلك السرير الأبيض ويخرج من جيبه ورقة يضعها على السرير كُتب عليها عبارة واحدة فقط

 

طال انتظاري !!

مدرس أحياء في المدرسة الثانوية بأم الحمام